تصريحات للسفيرة ليندا توماس غرينفيلد في اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن عمليات التصفية الروسية

بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة
مكتب الصحافة والدبلوماسية العامة
7 أيلول/سبتمبر 2022

شكرا سيدي الرئيس. وشكرا لوكيل الأمين العام ديكارلو ومساعد الأمين العام كيهريس على إيجازيكما. وشكرا جزيلا للسيدة دريك على عرضها لوجهة نظرها الصارخة والموثوقة بشأن الوضع بحسب المجتمع المدني.

حضرة الزملاء، أريدكم أن يتخيل كل منكم للحظة أنه والد أو والدة في ماريوبول. أنت وشريكك شابان وبصحة جيدة. لديكما ابن عمره 10 سنوات وابنة عمرها سنتان. أنتما سعيدان. لستما ناشطان سياسيان ولكنكما تحبان حياتكما في أوكرانيا، وفجأة تجتاح روسيا بلدكما.

تقصف القوات الروسية مدارسكما ومستشفياتكما وتدمر مدينتكما المسالمة، ولكنكما مع ذلك بذلتما قصارى جهدكما لإبقاء عائلتكما في مأمن. اختبأتما في الملاجئ وحاولتما البقاء على قيد الحياة.

وتحاول ذات يوم البحث عن الطعام مع عائلتك فتوقفكم القوات الروسية في الشارع وتصطحبكم مرغمين إلى مركز للخضوع للتصفية. تشعر بالرعب مما سيحدث بعد ذلك لأن جدتك أخبرتك قصصا عن اختفاء أصدقائها وجيرانها في ظل حكم الاتحاد السوفيتي وأيضا قصصا عما فعلته روسيا بمواطنيها أثناء الحرب في الشيشان.

يتم فصلك عن شريكك أو شريكتك وولديك ويتم تسجيل معلوماتك الحيوية الشخصية. وتتم مصادرة رخصة القيادة وجوازات السفر الأوكرانية ويتم البحث في هاتفك الخلوي عن رسائل تعتبر معادية لروسيا.

يتم تجريدك من ملابسك واستجوابك وضربك وتسمع إطلاق نار وصراخ من الغرف المجاورة، فالآخرين الذين يعتبرون أكثر تهديدا يتعرضون للتعذيب والقتل.

سنك مناسب للقتال، فيطلب منك القتال لصالح روسيا. وعندما ترفض، تعطى جواز سفر روسي وترسل إلى عمق روسيا مرغما، بعيدا عن عائلتك وبدون أي وسيلة للتواصل مع أي شخص تعرفه أو تحبه.

لقد تمت تصفيتك.

هذه هي الصورة التي يرسمها عدد كبير من التقارير الموثوقة من مصادر متنوعة لما يسمى “بعمليات التصفية” التي أجرتها روسيا في أوكرانيا. لدينا الآن شهادات شهود عيان من الضحايا وتقارير مفصلة بشكل متزايد من مجموعات مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة في جامعة ييل، وقد سمعتما اليوم من شخصين شاركانا بإيجازيهما اللذين تضمنا هذه المعلومات. حتى وكالة الأنباء الروسية تاس التي تديرها الدولة الروسية قد نشرت تقارير عن العديد من الأوكرانيين الذين تم نقلهم إلى روسيا.

تقوم السلطات الروسية أو وكلائها في مواقع التصفية هذه بالتفتيش والاستجواب والإكراه والتعذيب في بعض الأحيان، ولكن هذه الفظائع لا تقتصر على المراكز التي تم إنشاؤها، إذ قد تجري عند نقاط تفتيش أو محطات مرور روتينية أو في الشوارع.

قال رجل من ماريوبول في مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش إنه أجبر وعشرات من سكان المدينة على البقاء في مدرسة في ظروف قذرة، وكان ذلك قبل نقلهم للخضوع للتصفية.

ذكر أن المرض أصاب الكثيرين وقال: “شعرنا أننا رهائن”.

تهدف هذه العمليات إلى تحديد من تعتبرهم روسيا غير متوافقين أو غير متوافقين بما يكفي مع سيطرتها على أوكرانيا، وثمة أدلة متزايدة وموثوقة على أن من يعتبرون تهديدا للسيطرة الروسية بسبب ميولهم المتصورة المؤيدة لأوكرانيا قد “اختفوا” أو ما زالوا رهن الاعتقال. وقالت شاهدة عيان إنها سمعت جنديا روسيا يقول: “لقد أطلقت النار على 10 أشخاص على الأقل” لم يجتازوا عملية التصفية.

تشير التقديرات من مصادر متنوعة، بما في ذلك الحكومة الروسية، إلى أن السلطات الروسية قد استجوبت واحتجزت ورحلت قسرا ما بين 900 ألف و1,6 مليون مواطن أوكراني من منازلهم إلى روسيا، وغالبا إلى مناطق معزولة في الشرق الروسي الأقصى.

أريد أن أكون واضحة. تمتلك الولايات المتحدة معلومات تفيد بأن مسؤولين من الإدارة الرئاسية الروسية يشرفون على عمليات التصفية هذه وينسقونها، كما ندرك أن مسؤولي الإدارة الرئاسية الروسية يقدمون قوائم بالأوكرانيين الذين سيتم استهدافهم من أجل التصفية ويتلقون تقارير عن نطاق العمليات والتقدم المحرز فيها.

لقد تمت تصفيته. تبث هذه الكلمة الرعب وتذكر بالفساد اللذين تسببت فيهما هذه السياسات عن سابق تصور وتصميم. يكفي أن تروا كيف تعامل روسيا الأطفال الأوكرانيين.

تشير التقديرات إلى خضوع آلاف الأطفال للتصفية، وتم فصل بعضهم عن عائلاتهم وأخذهم من دور الأيتام قبل عرضهم للتبني في روسيا. لدى الولايات المتحدة معلومات تفيد بنقل أكثر من 1800 طفل من المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية في أوكرانيا إلى روسيا في شهر تموز/يوليو وحده.

لست بحاجة إلى تذكير هذا المجلس طبعا بأن النقل أو الترحيل القسري لأشخاص محميين من أراض محتلة إلى أراضي المحتل هو انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين ويشكل جريمة حرب.

يجب أن نتوقف لحظة لنفكر في مصير من لا ينجون من عملية التصفية. تتزايد الأدلة كل يوم على اعتبار آلاف الأوكرانيين مصدر تهديد بسبب ارتباطهم المحتمل بالجيش الأوكراني وقوات الدفاع الإقليمية ووسائل الإعلام والحكومة وجماعات المجتمع المدني، فيزعم أنهم محتجزون أو يختفون ببساطة.

إذا لماذا يفعلون ذلك؟ لماذا يصادرون وثائق الهوية الأوكرانية؟ لماذا يجبرون الأوكرانيين على ملء طلبات الحصول على جواز سفر روسي؟ لماذا يرهبون السكان المحليين ويرحلون أي شخص يعتبرونه تهديدا؟ لماذا يقومون بعمل فهرسة منهجية للأوكرانيين الذين يمرون عبر النظام؟ لماذا تعين روسيا مسؤولين في المناطق المحتلة وتفرض مناهجها التعليمية في المدارس وتحاول إقناع المواطنين الأوكرانيين بالتقدم بطلب للحصول على جوازات سفر روسية؟ لماذا تبذل القوات الروسية ووكلاؤها قصارى جهدهم لمحو الذاكرة الحية لأوكرانيا؟

السبب بسيط، ألا وهو التحضير لمحاولة الضم.

يتمثل الهدف بتغيير المشاعر بالقوة وتوفير مظهر مخادع لشرعية الاحتلال الروسي والضم المزعوم لمزيد من الأراضي الأوكرانية في نهاية المطاف. يمثل هذا الجهد الرامي إلى تلفيق هذه الحقائق على الأرض أساس الاستفتاءات الزائفة، وهو جزء من قواعد روسيا الخاصة بأوكرانيا والتي حذرنا أعضاء المجلس منها منذ بداية الحرب.

ستحاول هذه الاستفتاءات خلق مظهر زائف من الشرعية والدعم العام لتشعر روسيا أنها تستطيع ضم خيرسون وزابوريجيا ومناطق أخرى من أوكرانيا. لا شك في أننا لن نعترف يوما بأي جهود تبذلها روسيا لتغيير حدود أوكرانيا بالقوة. يجب أن نحاسب مرتكبي هذه الفظائع ويجب أن نستجيب كمجتمع دولي، كمجتمع دولي لا يزال يحترم ميثاق الأمم المتحدة.

نعرف ما سيكون تعليق روسيا على كل ذلك. ستنكر وتنكر وتنكر. ولكن ثمة طريقة بسيطة لمعرفة ما إذا كان أي من كل ذلك صحيحا وهي السماح للأمم المتحدة بالدخول وللمراقبين المستقلين بالوصول. امنحوا المنظمات غير الحكومية إمكانية الوصول واسمحوا بوصول المساعدات الإنسانية. دعوا العالم يرى ما يجري.

بصفتنا أعضاء في مجلس الأمن، نحن هنا لتعزيز السلم والأمن الدوليين ودعم ميثاق الأمم المتحدة. آمل أن يقر كل منا هنا اليوم على الأقل بأن كافة من يخضعون للتصفية يحتاجون إلى الوصول إلى وكالات الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية في أقرب وقت ممكن حتى نتمكن من التحقق من سلامتهم كما سمعنا اليوم من مفوضية حقوق الإنسان. وحتى توفر روسيا إمكانية الوصول هذه، سيتعين علينا الاعتماد على الأدلة التي تراكمت لدينا وشهادات الناجين الشجاعة. تقشعر الأبدان للصورة التي ترسمها شهاداتهم والتقارير المتزايدة.

حضرة الزملاء، سيأتي يوم نجتمع فيه في هذا المجلس لإدانة محاولات الاتحاد الروسي ضم المزيد من أراضي أوكرانيا، وأطلب منكم أن تتذكروا ما سمعتموه هنا اليوم. لن يتمكن أي شخص، أي شخص من الادعاء أنه لم يتم تحذيره.

شكرا لكم.

###