كلمة القائم بأعمال السفير الأمريكي في القاهرة توماس جولدبرجر في الإحتفال بذكرى مرور أربعين عاما علي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية

CDA Goldberger's remarks on the celebration of the 40th Anniversary of The Egypt-Israel Peace Treaty at the U.S. Embassy Cairo.

26 مارس 2019

الضيوف الكرام، سيداتي وسادتي، نشكركم على الانضمام إلينا للاحتفال بذكرى مرور أربعين عاما علي معاهدة السلام الموقعة عام 1979 بين مصر وإسرائيل – وهو الاتفاق الذي أنهى عقودا من الحرب والدمار والمعاناة الإنسانية. وقد سبقت معاهدة السلام اتفاقات كامب ديفيد لعام 1978 ، وكانت نتاجا لجهود شجاعة وصعبة  للدبلوماسية العامة والخاصة  التي بدأت في رحلة الرئيس أنور السادات في نوفمبر 1977 إلى القدس. وخلال خطابه الشهير للكنيست الإسرائيلي ، أكد الرئيس السادات للعالم أجمع أن “هناك لحظات في حياة الأمم عندما يكون من الضروري التغاضي عن الماضي ، بكل تعقيداته وذكرياته ، إن أرادوا المضي بشجاعة نحو آفاق جديدة.” كانت هذه هي رؤية وقيادة رجل دولة حقيقي.

ودعا الرئيس السادات، بالكلمات وبالعمل، إلى سلام شامل قائم على الإنسانية المشتركة ، معلنًا أن “أي خسارة في الحرب هي حياة إنسانية ، بغض النظر عما إذا كانت إسرائيلية أو عربية. والأطفال الأبرياء محرومون من رعاية وعطف والديهم ، سواء كانوا على أرض عربية أو إسرائيلية. وهم يطالبون بأن نتحمل مسؤوليتنا العليا لتقديم حياة مريحة لهم اليوم وغداً.”

بعد ستة عشر شهراً، حقق الرئيس السادات رؤية هذا الخطاب عندما استضافه الرئيس جيمي كارتر ورئيس الوزراء مناحيم بيجن في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، حيث وقعا معاهدة السلام الرسمية في 26 مارس 1979. وكانت الولايات المتحدة فخورة بكونها شريكًا وشاهدًا للسلام ، كما هو الحال اليوم. ولم يكن من الممكن تحقيق السلام – حتى بالرغم من الدبلوماسية الشخصية للرئيس كارتر، دون أن تكون هناك رغبة متطابقة لتحقيق السلام لدى الرئيس السادات ورئيس الوزراء بيجن، الذي جسّد هو بنفسه تطلعات زملائه الإسرائيليين.

لقد كانت المعاهدة بدايه لعقود طويلة من السلام بين مصر وإسرائيل، وأدّت إلى إنسحاب إسرائيل بكامل قواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء ، والاعتراف بخليج العقبة كممر مائي دولي. وتفوق السلام وإتاحة الفرص على الصراع اطويل والمكلّف. وتم تكريم الموقعين على السلام بجائزة نوبل للسلام. واحتفالا بالذكرى المئوية لميلاد الرئيس السادات في ديسمبر 2018 ، وقع الرئيس ترامب قانون الاحتفال بالذكرى المئوية لأنور السادات، وتم تكريم الرئيس الراحل السادات بميدالية ذهبية للكونجرس، وهو أعلى وسام مدني منحه كونجرس الولايات المتحدة.

وحتى مع اغتيال الرئيس السادات ، وعلى الرغم من الرفض الإقليمي ، بقيت مصر وإسرائيل ملتزمتين بالسلام، وأقامتا علاقات دبلوماسية كاملة في عام 1982. وكان السلام بين مصر وإسرائيل مثالاً يحتذى لمعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن في عام 1994. وقد أسست معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل أيضًا القوة والمراقبون متعددة الجنسيات، وهي منظمة دولية فريدة من نوعها صمدت أمام اختبار الزمن وساعدت في حماية السلام وبناء الثقة المتبادلة.

واليوم ، يقدم 19 شريكا دوليا، بما في ذلك الولايات المتحدة ، مساهمات حاسمة في القوة المتعددة الجنسيات. ونحيي شركائنا الدوليين (أستراليا ، كندا ، كولومبيا ، جمهورية التشيك ، جزر فيجي ، فنلندا ، فرنسا ، ألمانيا ، إيطاليا ، هولندا ، نيوزيلندا ، النرويج ، كوريا الجنوبية ، سويسرا ، السويد ، المملكة المتحدة ، وأوروجواي) لدعمهم الحيوي والثابت للقوة المتعددة الجنسيات. وفي الواقع.

وقد مهّدت معاهدة السلام الطريق لازدهار العلاقات الأمريكية المصرية، والتي تطورت على مدار الأربعين سنة الماضية إلى علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية وأمنية قوية نتمتع بها اليوم. ودعمت الولايات المتحدة مصر بأكثر من 80 مليار دولار من المساعدات الأمنية والاقتصادية، وهو حجر الزاوية في التزامنا باستقرار مصر وازدهارها كجزء من التزامنا الأوسع بالسلام في الشرق الأوسط.

ومن خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي نوفر لمصر سنويًا 1.3 مليار دولار لتجهيز الجيش المصري بشكل أفضل. كما أن علاقاتنا العسكرية عميقة وثابتة ومتنامية. وقد اختتمنا مؤخرًا جولة أخرى من محادثات لجنة التعاون العسكري الثنائية في واشنطن لرسم مستقبل هذه العلاقات الاستراتيجية. كما استأنفنا قبل عامين التدريبات العسكرية “النجم الساطع” في واحدة من أكبر عملياتنا المشتركة. وتبع ذلك قيام شركات القطاع الخاص الأمريكية بعرض ناجح في أول معرض دفاعي على الإطلاق في مصر العام الماضي ، بالاضافة إلى زيارات عسكرية رفيعة المستوى منتظمة من الجانبين.

وبالإضافة إلى روابطنا العسكرية ، تعد علاقاتنا الاقتصادية ركيزة أساسية لشراكتنا الإستراتيجية. وقد قدمنا من خلال وكالتنا للتنمية الدولية ، USAID ، أكثر من 30 مليار دولار كمساعدة إنمائية منذ اتفاقات كامب ديفيد لتعليم المصريين من خلال المنح الدراسية والمدارس وبرامج التبادل، وتوفير المياه النظيفة، وتمكين المرأة ورجال الأعمال، وتعزيز الحوار بين الأديان، وتعزيز المجتمع المدني، وترميم وإنقاذ التراث الثقافي في مصر، ومساعدة المجتمعات المحتاجة في صعيد مصر وشمال سيناء وغيرها من المناطق المحرومة.

وكانت زيارة مارك جرين ، مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى القاهرة هذا الأسبوع بمثابة تأكيد إضافي للشراكة الاقتصادية والبشرية الهامة بين بلدينا. ،وقد أطلقنا هذا الصباح فقط برنامجًا غير مسبوق بقيمة 90 مليون دولار لإنشاء ثلاثة مراكز تعليمية متميزة ستجمع جامعات أمريكية مثل MIT وكورنيل والجامعة الأمريكية بالقاهرة مع  جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية للعمل معًا لإيجاد حلول مبتكرة للطاقة والزراعة، وتحديات موارد المياه.

وفي الوقت نفسه، يتزايد وجود الشركات الأمريكية. وأطلقت أوبر مؤخراً من مصر أولى خدماتها العالمية للنقل عبر الحافلات. وتعد شركات آباتشي و بيبسي و كوكا كولا و مارس و بروكتر اند جامبل و أمازون وأي بي إم و جنرال إلكتريك و هني ويل وإكسون موبيل نماذج للشركات الأمريكية الرائدة التي تعمل مع مصر. ونتوقع أن يستمر هذا التوسع في النمو.

ويتمثل الجانب الآخر من شراكتنا الاستراتيجية في التعاون والتبادل الثقافي. فنحن نرسل كل عام مئات الطلاب المصريين والقادة الواعدين إلى الولايات المتحدة للحصول على منح دراسية، مثل فولبرايت، وبرامج التبادلات المهنية، مثل برنامج قيادة الزائر الدولي. كما نستضيف الفنانين والمتحدثين إلى مصر لتبادل معارفهم وإبداعاتهم مع نظرائهم. فالعلاقات الإنسانية هي عنصر أساسي للنجاح والتعاون على المدى الطويل. وسنستمر في الاستثمار في هذه العلاقات التحويلية.

وكما قال وزير الخارجية بومبيو خلال زيارته الأخيرة للقاهرة ، فإن الولايات المتحدة لا تزال قوة من أجل الخير في الشرق الأوسط. فنحن نقدّر أصدقائنا القدامى ونقدّر القيم التي نشاركها مثل كرامة الفرد والأسرة والأمة. وبالتعاون مع مصر وشركاء إقليميين آخرين، قمنا ببناء تحالف دولي لهزيمة آفة ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش)، وتحرير الملايين في سعينا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. إننا نعمل بجد مع حلفائنا للتصدي للتدخل الخارجي، وخاصة أجندة النظام الإيراني الشريرة والمزعجة. .

لقد حذّر الرئيس السادات في خطابه الخالد أمام الكنيست، من أنه “حتى إذا تم تحقيق السلام بين جميع الدول العربية وإسرائيل، فلن يكون هناك سلام دائم وعادل يوافق عليه العالم بأسره في غياب حل عادل للمشكلة الفلسطينية.” ولذا انخرطت الولايات المتحدة منذ عقود في هذه القضية وتواصل العمل من أجل تحقيق مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني. وكما أكد كبير مستشاري الرئيس جاريد كوشنر خلال زيارته للشرق الأوسط في أواخر فبراير أن الولايات المتحدة تعتقد أن كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين يريدون الحرية في الفرص والدين والكرامة والازدهار الاقتصادي. ونعتقد أن مصر تلعب دورًا حيويًا في هذه العملية، ونشكر مصر على عملها القيّم والمستمر من أجل السلام.

وكما أعلن وزير الخارجية بومبيو خلال خطابه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة “فقد حان الوقت كي تنتهي الخصومات القديمة من أجل الصالح العام للمنطقة”. وكانت هذه رسالة الرئيس السادات ورئيس الوزراء بيجن إلينا قبل 40 عامًا، ولا تزال رسالتهم قائمة حتى اليوم. فقد اتخذ القادة المصريون والإسرائيليون منذ أربعة عقود المسار الصعب، ولكنه المسار الضروري من أجل مصلحة مواطنيهم، وما زالت قيادتهم البصيرة نموذجًا ملهمًا لنا إلى اليوم.

نهنئ مصر وإسرائيل على المساعدة في ضمان نجاح معاهدة السلام، ويسعدنا للغاية أن يكون السفير ديفيد جوفرين معنا الليلة. وتؤكد الولايات المتحدة من جديد التزامها الثابت بهذا الاتفاق الهام باعتباره علامة تاريخية ضرورية على طريق السلام الأوسع في المنطقة للأجيال القادمة من العرب والإسرائيليين. نؤكد أيضًا شراكتنا القوية التي لا تتزعزع مع مصر والشعب المصري في سعيهم لإيجاد فرص جديدة لتحقيق الاستقرار الدائم وزيادة الفرص لجميع المصريين

###