وزير الخارجية ريكس تيلرسون بشأن العلاقات الأمريكية الأفريقية: إطار عمل جديد

مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية
للنشر الفوري 6 مارس 2018
تصريحات
جامعة جورج ماسون
فيرفاكس، فيرجينيا
السيد كابريرا: صباح الخير للجميع. شكراً جزيلاً على حضوركم معنا اليوم لعرض مميز جداً جداً. يشرفني أن أرحب بوزير خارجيتنا إلى جورج ماسون فيما يتوجه كما تعلمون إلى رحلة سفر مهمة جداً إلى أفريقيا. أنا منحاز بعض الشيء، ولكنني أظن أنه ما كان يمكن أن يختار مكاناً أفضل من جامعة جورج ماسون للقيام بهذا العرض.
تضم جامعة جورج ماسون طلاباً وأعضاء هيئة التدريس من أكثر من 130 بلداً، وجعلنا جزءاً من مهمتنا التأكد من أننا نقوم بتثقيف الطلاب للانخراط في عالم مترابط جداً. نقدّم أنفسنا أحياناً على أننا نريد أن نكون جامعة للعالم.
يبدأ الوزير تيلرسون الآن سنته الثانية كوزير للخارجية، ومن الواضح أنه ليس سياسياً أو فرداً من الحكومة من خلال التدريب، ومع ذلك، عندما نفكر في بعض جوانب حياته المهنية، نجد أنه مثالي لهذا المنصب. تعرفون أنه أدار إكسون لسنوات، من العام 2006 حتى العام 2017. وتعرفون أنّ إكسون هي إحدى أكبر الشركات المملوكة للقطاع العام في العالم وإحدى أكثر الشركات عالمية. صحيح أنه من المذهل أن يدير المرء وزارة الخارجية مع أكثر من 44 ألف موظف، بالإضافة إلى 44 ألف موظف محلي آخرين في مختلف أنحاء العالم، وميزانية تفوق الـ50 مليار دولار. ولكن حجم الموظفين هذا أصغر من العدد الذي كان يقوده عندما كان على رأس إكسون موبيل. كما أنه قضى الكثير من الوقت في مختلف أنحاء العالم وهو يدير العمليات في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى كثيرة من العالم.
والأهم من ذلك لهذا المنصب برأيي هو أنه كان في الكشافة. لم تحضره عضويته في الكشافة بشكل ممتاز فحسب، ولكنها أثرت به كثيراً لدرجة أنه قرر خدمة المنظمة. وقد شغل منصب رئيس الكشافة الأمريكية لعدة سنوات.
إذن مرة أخرى، بالنيابة عن جامعة جورج ماسون وبدون أن أطيل الكلام، أرجو أن تنضموا إليّ للترحيب بوزير الخارجية السيد ريكس تيلرسون.

الوزير تيلرسون: شكراً. شكراً جزيلاً لك يا دكتور كابريرا على هذا الترحيب الحار. يسعدني أن أتواجد هنا في جامعة جورج ماسون، ويسرني دائماً أن ألتقي بخريج فولبرايت ومهندس زميل أيضاً. نقدر لجامعة جورج ماسون استضافتها برنامج الدراسات الأفريقية والأفريقية الأمريكية هنا والعمل الذي تقوم به على العديد من الموضوعات الهامة التي سنناقشها صباح اليوم.

سأغادر في وقت لاحق من اليوم في زيارتي الرسمية الأولى إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ليست هذه زيارتي الأولى لأفريقيا، إذ قمت بالعديد من الرحلات والزيارات في خلال مسيرتي المهنية السابقة، ولكن بدأ التخطيط فعلاً لهذه الرحلة في تشرين الثاني/نوفمبر في أعقاب الاجتماع الوزاري استضافته وزارة الخارجية لـ37 دولة أفريقية مع الاتحاد الأفريقي. وركزت محادثتنا في خلال تلك القمة على قضايا مكافحة الإرهاب والديمقراطية والحوكمة وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع القارة، وكل هذه مواضيع سأتطرق إليها بعد قليل.
كما ذكرت، أمضيت الكثير من الوقت في خلال مسيرتي المهنية السابقة في أفريقيا. ويبقى إيماني الراسخ أنه ثمة فرصة كبيرة في القارة للنمو الاقتصادي، ولتحقيق المزيد من الازدهار، وللتصدي للتحديات العالمية من خلال إقامة شراكات تحترم الطرفين. وأتطلع إلى العودة والبناء على أساس قوي للعلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا. ويشمل ذلك زيارة تشاد، وهو بلد لم يسبق أن زاره وزير خارجية أمريكي من قبل.

على مدى القرن الماضي ومع خروج الدول الأفريقية من ماضيها الاستعماري، شهدنا زيادة هائلة في مشاركة الولايات المتحدة مع أفريقيا. وأنشأت وزارة الخارجية مكتب أفريقيا في العام 1958 بعد عام من زيارة نائب الرئيس آنذاك ريتشارد نيكسون إلى القارة. وكانت غانا قد دعت نائب الرئيس ومارتن لوثر كينغ الابن لحضور احتفالها بيوم الاستقلال، وهذا حدث جرى قبل 61 عاماً بالضبط.

وبعد بضع سنوات، أنشأ الرئيس جون كينيدي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع التركيز على التنمية الأفريقية، ووصل أول المتطوعين في فيلق السلام إلى غانا وتنزانيا. يصادف هذا الشهر الذكرى الأربعين لزيارة الرئيس جيمي كارتر ليبيريا ونيجيريا، حيث أعلن أنّ “أمتنا قد تحولت الآن نحو أفريقيا بطريقة غير مسبوقة.”
ويستمر هذا التحول اليوم. يرتبط أمن بلدنا وازدهاره الاقتصادي بأفريقيا على نحو لم يسبق له مثيل. وسيتفاقم ذلك أكثر في العقود القادمة للأسباب التالية:

أولاً: التحول الديموغرافي الرئيسي. بحلول العام 2030، ستمثل أفريقيا حوالى ربع القوى العاملة في العالم. وبحلول العام 2050، من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة إلى أكثر من 2.5 مليار شخص، منهم 70% دون الثلاثين من عمرهم.
وثانياً: تشهد أفريقيا نمواً اقتصادياً كبيراً. ويقدّر البنك الدولي أنّ ستة من أسرع عشر اقتصادات نمواً في العالم هذا العام ستكون أفريقية.

بغرض تحديد السياق، بحلول العام 2050، سيكون عدد سكان نيجيريا أعلى من عدد سكان الولايات المتحدة وسيفوق حجم اقتصادها حجم اقتصاد أستراليا.
ولكي نفهم الوجهة التي يسير نحوها العالم، يجب أن نفهم أنّ أفريقيا جزء هام من المستقبل. ستلعب البلدان الأفريقية أدوار أكثر فأكثر في العديد من التحديات الدولية المتعلقة بالأمن والتنمية، فضلاً عن الفرص التوسعية للنمو الاقتصادي والنفوذ.
في حين أنّ أفريقيا تحتوي على ثروة من التنوع مع شعوبها وثقافاتها وحكوماتها، ثمة تحديات وفرص مشتركة. وتنعكس حيوية أفريقيا في شبابها، ولكن تزايد عدد الشباب يعني الحاجة إلى مزيد من فرص العمل. ومع ازدياد عدد الأفارقة الذين يخرجون من براثن الفقر، ستحتاج الأمم إلى المزيد من البنى التحتية والتنمية. وإذا ترك الشباب بدون وظائف وأمل في المستقبل، سينشئ تزايد عددهم طرق جديدة يستغل بها الإرهابيون الجيل القادم ويخربون الاستقرار ويحولون الحكومات الديمقراطية عن مسارها. وسيتم تحدي القادة للابتكار وإدارة الموارد المالية المحدودة المتوفرة لهم.

فيما نتطلع إلى المستقبل، تسعى هذه الإدارة إلى تعميق شراكتنا مع أفريقيا بهدف جعل البلدان الأفريقية أكثر مرونة وأكثر اكتفاء ذاتياً. يخدم ذلك شركاءنا ويخدم الولايات المتحدة أيضاً من خلال خلق مستقبل مستقر لجميع أطفالنا وأحفادنا.
يعتمد مستقبل الاستقرار على الأمن، وهو الشرط الضروري للازدهار الاقتصادي والمؤسسات القوية. وبدون الأمن، لا يمكن تنفيذ أي جوانب أخرى.

يهدد المدى الطويل للإرهاب اليوم بسرقة مستقبل عدد لا يحصى من الأفراد. وفي آب/أغسطس القادم، سنتذكر المئات الذين فقدوا أرواحهم قبل 20 عاماً في الهجومين على السفارة الأمريكية في نيروبي ودار السلام واللذين تسببا بإنهاء حياة المئات.
وقضى آلاف آخرون منذ ذلك اليوم نحبهم على يد الإرهابيين في أفريقيا. وارتفعت الهجمات الإرهابية من أقل من 300 في العام 2009 إلى أكثر من 1500 في كل من الأعوام 2015 و2016 و2017. وفي الآونة الأخيرة، شهدنا مرة أخرى بأسى اختطاف أكثر من 100 تلميذة نيجيرية. تم إبعادهن عن أسرهن وتغيير مستقبلهن إلى الأبد.

رداً على هذا التهديد المتزايد، أدرجت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي سبع جماعات مرتبطة بتنظيم داعش وفرضت عقوبات عليها، بما في ذلك الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا والدولة الإسلامية في الصومال وقادتهما، في محاولة لقطع الموارد التي تستخدمها هذه الجماعات لتنفيذ الهجمات.

وللتغلب على هذه القوى الشريرة، التزمت الولايات المتحدة بالعمل مع الشركاء الأفارقة لتخليص القارة والعالم من الإرهاب من خلال معالجة عوامل الصراع التي تؤدي إلى التطرف والتجنيد في المقام الأول وبناء قدرة الدول الأفريقية المؤسسية على إنفاذ القوانين. نريد أن نساعد الدول الأفريقية على توفير الأمن لمواطنيها بطريقة مشروعة.

تضطلع الدول الأفريقية اليوم بدور أكبر لاتخاذ إجراءات، بما في ذلك تقديم التضحيات التي ترافق هذا الالتزام.
لا يعرف الإرهاب حدوداً. وفي منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، نجد أنّ بوكو حرام والدولة الإسلامية في غرب أفريقيا والدولة الإسلامية في المغرب العربي والجماعات الأخرى قابلة للتكيف وقادرة على الصمود وقادرة على شن هجمات في مختلف أنحاء المنطقة. التعاون الإقليمي أمر حاسم لعرقلة هذه الهجمات وحرمان التنظيمات من القدرة على التخطيط لها وتنفيذها في المستقبل.

وتقوم فرقة العمل المشتركة متعددة الجنسيات بجمع الخبرات والموارد وهي فرقة التي أنشأتها نيجيريا والنيجر وتشاد وبنن والكاميرون إلى جانب مع مجموعة دول الساحل الخمس، أي بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. وعملها أساسي لتحقيق حلول للإرهاب وعدم الاستقرار يقودها الأفارقة.
في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت أنّ الولايات المتحدة ستسهم بقدر أكبر في هذه الجهود الإقليمية. ولقد خصصنا ما يصل إلى 60 مليون دولار لجهود مكافحة الإرهاب في مجموعة دول الساحل الخمس لتمكينها من تدريب أعضاء القوة المشتركة وتجهيزها ومكافحة الدعاية الإرهابية في مختلف هذه المجتمعات.

بالإضافة إلى ذلك، دعمت الولايات المتحدة لأكثر من عقد شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء لتوفير التدريب وتعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة العسكرية والمدنية وجهات إنفاذ القانون في مختلف أنحاء شمال وغرب أفريقيا. وقد نشرنا نهجاً مماثلاً في شرق أفريقيا مع الشراكة من أجل مكافحة الإرهاب الإقليمي في شرق أفريقيا. وساهمت الولايات المتحدة منذ العام 2016 بأكثر من 140 مليون دولار لمساعدة الشركاء على منع الملاذات الآمنة الإرهابية والتجنيد من خلال هذه الشراكات.
الولايات المتحدة ممتنة لقيادة الاتحاد الأفريقي ودورها المتنامي ومتعدد الأطراف. تضم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال قوات من خمسة بلدان أفريقية، وتحقق الاستقرار في المناطق التي تتعرض لهجومات حركة الشباب، وتتيح وصول المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى الشعب الصومالي. وأتطلع إلى الاجتماع برئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي فقي في خلال رحلتي القادمة لاستكشاف المزيد من السبل للعمل معاً لمواجهة الإرهاب في القارة.

يتمثل دور الولايات المتحدة في هذه الجهود وغيرها من الجهود الإقليمية ومتعددة الأطراف ببناء القدرات وليس التبعية، ليتمكن شركاؤنا من توفير أمنهم الخاص. وينطبق ذلك على نهجنا لناحية حفظ السلام في القارة أيضاً.
الولايات المتحدة هي أكبر مساهم في بناء القدرات في مجال حفظ السلام في أفريقيا، وتقوم بتدريب ونشر ودعم القوات التي توفر الدعم في مجال مكافحة الإرهاب، وتزيل الألغام الأرضية، وتيسر الانتقال السلمي للسلطة. ويحقق ذلك الأمن ويتيح وصول الإمدادات الصحية والغذائية وغيرها من الخدمات إلى المناطق التي تحتاج إليها.

دعمت الولايات المتحدة في العام الماضي أكثر من 27 ألفاً من حفظة السلام الأفارقة من أكثر من 20 بلداً أفريقياً. بدأت المزيد من البلدان الأفريقية تهتم بمستقبلها بنفسها. كان الأفارقة قبل عقد من الزمان يشكلون حوالي 20% فحسب من قوات حفظ السلام في القارة، بينما تتجاوز هذه النسبة اليوم الـ50%.

وإذ نؤيد الجهود الأمنية الهامة، يجب أن نعمل على إيجاد حلول دبلوماسية طويلة الأجل للصراعات التي تتسبب بمعاناة إنسانية كبيرة. وإلى حين نقوم ذلك، ستواصل الولايات المتحدة بوصفها أكبر مقدّم للمساعدة الإنسانية في العالم الوقوف مع الأكثر ضعفاً.

وكدليل على ذلك الالتزام، أعلن اليوم عن مبلغ 533 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية لمكافحة المجاعة وانعدام الأمن الغذائي وتلبية الاحتياجات الأخرى الناجمة عن الصراعات في الصومال وجنوب السودان وإثيوبيا وحوض بحيرة تشاد. إنّ مستويات الجوع المقلقة في هذه المناطق من صنع الإنسان إلى حد كبير إذ تندلع الصراعات ويفر السكان من ديارهم. وفي ظل هذه الظروف، لا يستطيع الناس إنتاج المحاصيل وكثيراً ما يفقدون إمكانية الحصول على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية. يفقد الكثيرون كل شيء. وللأسف، يمكن أن تكون الطبيعة الأم قاسية، كما هو الحال في القرن الأفريقي، حيث يسهم الجفاف طويل الأمد في انعدام الأمن الغذائي بشكل خطير.

ستوفر هذه الأموال الإضافية الغذاء في حالات الطوارئ والمساعدة الغذائية وغيرها من المساعدات، بما في ذلك مياه الشرب المأمونة، والآلاف من الأطنان من الأغذية، والبرامج الصحية لمنع انتشار الأمراض القاتلة مثل الكوليرا بين ملايين الناس. ومن شأن ذلك أن ينقذ الأرواح.

الشعب الأمريكي كما دائماً موجود لإقامة الشراكة مع البلدان الأفريقية لضمان حصول أشد السكان ضعفاً على المساعدة المنقذة للحياة. وندعو أيضاً الآخرين إلى الانضمام إلينا لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في أفريقيا. ونأمل أن تشجع هذه المساهمات الأولية الآخرين على الإسهام بالمعونة لزيادة تقاسم الأعباء وتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في أفريقيا. ومع ذلك، لن تحل هذه المساعدة الصراعات الجارية، ولكنها ستمهلنا بعض الوقت لمتابعة الحلول الدبلوماسية.
نظراً إلى أنّ العديد من البلدان الأفريقية تتحمل مسؤولية أكبر في تلبية احتياجاتها في الداخل، تحتاج الولايات المتحدة إلى أن يضطلع شركاؤنا في أفريقيا بدور نشط على الساحة الدولية أيضاً. على سبيل المثال، نسعى إلى مزيد من التعاون في مجال حملتنا الرامية إلى الضغط السلمي لجلب جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية إلى طاولة المفاوضات.
تهدد كوريا الشمالية المجتمع الدولي بأسره من خلال برامجها النووية غير المشروعة والصواريخ البالستية وأنشطة انتشارها، بما في ذلك صادراتها من الأسلحة إلى أفريقيا. ولا يقتصر الأمر على حلفائنا في أوروبا أو آسيا، ولا يشتمل على الدول التي لديها علاقات قديمة مع كوريا الشمالية مثل الصين وروسيا فحسب. هذا جهد عالمي وينبغي أن يكون كذلك.
أثناء رحلتي إلى أمريكا الجنوبية الشهر الماضي، تحدثت بصراحة مع نظرائي بشأن سبل عملهم بنشاط للإسهام في حملة الضغط هذه. ويتعين على الأمم الأفريقية القيام بالمزيد.

لقد اتخذت أنغولا والسنغال خطوات لممارسة بعض الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية. وقد أعلنت الحكومة الإثيوبية أيضاً عن تأييدها العلني. ولكن لم تتحرك الكثير من الدول الأفريقية بعد. ونأمل أن تنضم إلى المجتمع الدولي وتنهي هذه البرامج الدبلوماسية أو الاقتصادية أو الخاصة بالأسلحة مع النظام في كوريا الشمالية.

يمثل الأمن في القارة شرطاً مسبقاً لتحقيق المزيد من الازدهار. وبطبيعة الحال، تساهم زيادة الاستقرار في اجتذاب المزيد من التجارة والاستثمار بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية، مما يؤدي إلى مزيد من التنمية ويبني على ما أنجزناه من خلال قانون النمو والفرص في أفريقيا.

كان قانون النمو والفرص في أفريقيا حجر الزاوية في السياسة التجارية الأمريكية في أفريقيا منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. لقد شهدنا تقدماً كبيراً مع قانون النمو والفرص في أفريقيا. وتضاعف إجمالي تجارة السلع غير النفطية لأكثر من الضعف، أي من 13 مليار دولار سنوياً إلى ما يقرب من 30 مليار دولار سنوياً. وفي الواقع، ارتفع إجمالي التجارة الأمريكية في العام الماضي إلى 38.5 مليار دولار، مقارنة بـ33 مليار دولار في العام 2016.

تشجعنا الخطوات التي يتخذها عدد كبير من شركائنا الأفارقة الذين يسعون إلى إيجاد سبل لتوسيع نطاق التجارة مع الولايات المتحدة. وفي خلال زيارته للولايات المتحدة الأسبوع الماضي، ألقى رئيس غانا أكوفو-أدو خطاباً أمام جمعية الحكام الوطنيين، وهو أول رئيس أفريقي يقوم بذلك. تحدث عن رغبته ورغبة شعبه في الانتقال من الفقر إلى الازدهار في غضون جيل واحد. وتريد الولايات المتحدة المساعدة في تمكين القطاعين العام والخاص في أفريقيا وهنا في البلاد لتحويل هذه الرغبة إلى واقع.
ما زالت أفريقيا تمتلك موارد طبيعية هائلة غير متطورة. ويمكن لخبرات القطاع الخاص في الولايات المتحدة أن تسهل التنمية المسؤولة لتلك الموارد، مما يساعد المزيد من الأفارقة للتخلص من الفقر للمشاركة في القيم الاقتصادية لهذه الموارد. ولكنّ البنية التحتية المهمة عابرة للقارات ضرورية لدعم التنمية ودفع عجلة التنمية وتعزيز التجارة بين المناطق في القارة.

يتم اليوم تسليم نحو 12% فحسب من إجمالي الصادرات الأفريقية إلى البلدان المجاورة لها في القارة. لنقارن ذلك بنسبة 25% بين دول الآسيان ونسبة أكثر من 60% في أوروبا، فنجد أنّ إمكانية تحقيق المزيد من الازدهار الاقتصادي من خلال التجارة في القارة واضح تماماً. وبينما تحقق الدول الأفريقية المزيد من التكامل الإقليمي من خلال خفض الحواجز الجمركية وتحسين النقل والطاقة والبنى التحتية، ستنشأ المزيد من الفرص للشركات الأمريكية والاستثمار والتجارة عبر الأطلسي.
يوفر استيراد الممارسات التجارية الأمريكية والخبرات أفضل مزيج لمستقبل أفريقيا من خلال المساهمة في الازدهار الاقتصادي، وتزويد الدول الأفريقية بقدرات جديدة، والقيام بذلك في إطار مفتوح وشفاف. ولهذا نريد إنشاء مؤسسة جديدة لتمويل التنمية. مؤسسات تمويل التنمية هي مصارف حكومية متخصصة مصممة لدعم تنمية القطاع الخاص لتحسين فعالية التنمية. ونحن نعمل مع الكونغرس لمنح الولايات المتحدة القدرة على المنافسة مع البلدان التي تستخدم التمويل أصلاً لتحقيق أهدافها في العالم النامي.

طاقة أفريقيا Power Africa هو برنامج تقوده الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وإحدى أكبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تاريخ التنمية في القارة. أنشئ برنامج طاقة أفريقيا قبل خمس سنوات لتمكين البلدان الأفريقية من الحصول على أحد أهم الاحتياجات الأساسية للتنمية، ألا وهي الكهرباء. ويحصل اليوم عشرات الملايين من الأفارقة في مختلف أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء على الكهرباء جزئياً بسبب التزامات أكثر من 140 من الشركاء من القطاع الخاص. ونهدف إلى توفير 30 ألف ميغاواط من الطاقة بحلول العام 2030 أو 60 مليون اشتراك جديد لنصل إلى 300 مليون أفريقي. وأعلن مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية غرين عن طاقة أفريقيا 2.0 الأسبوع الماضي لتوسيع المزيد من فرص الطاقة.

تحرص الولايات المتحدة على الحد من الحواجز أمام التجارة والاستثمار مع شركائنا الأفارقة، ومساعدة البلدان الأفريقية على الانتقال من الاعتماد إلى الاكتفاء الذاتي، وتنامي الطبقة الوسطى، وتحسين إدماج الاقتصادات الأفريقية مع بقية العالم.
يتطلب التحضير للمستقبل وتحقيق إمكانات القارة قوة عاملة متعلمة وبصحة جيدة. ينطبق ذلك على مختلف أنحاء العالم، ولكنه يتطلب المزيد من التشديد في القارة نظراً لازدياد عدد الشباب فيها.

مبادرة قادة الشباب الأفارقة هي إحدى الطرق التي تستثمر وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلالها في الجيل القادم من القادة الأفارقة. وتوفر المبادرة التدريب على القيادة والتدريب المهني للجيل القادم من القادة الأفارقة بشأن أهمية الصحافة الحرة، وكيفية بناء مؤسسات أكثر مرونة، وحتى كيفية بدء الأعمال التجارية. وتتمتع المبادرة اليوم بأكثر من 500 ألف عضو وممثل لها من كل دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى.

ومن خلال الخطة الرئاسية الطارئة للإغاثة من الإيدز، المعروفة باختصار بيبفار، قامت الولايات المتحدة بتحويل الاستجابة الدولية لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. ولا يتجلى ذلك بوضوح أكبر مما يتجلى في أفريقيا.
عندما انطلقت خطة بيبفار قبل 15 عاماً، كان تشخيص الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بمثابة عقوبة الإعدام. وفي الأجزاء الأكثر تضرراً من أفريقيا، تضاعف معدل وفيات الرضع، ووصلت وفيات الأطفال إلى ثلاثة أضعاف، وانخفض متوسط العمر المتوقع بمقدار 20 عاماً. كان واحد من كل ثلاثة بالغين مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية، وتركوا الملايين من الأيتام وراءهم. لم يكن يتلقى علاجات فيروس نقص المناعة البشرية إلا 50 ألف شخص. ولكن قدم الشعب الأمريكي من خلال بيبفار اليوم علاجات منقذة للحياة لأكثر من 13.3 مليون رجل وامرأة وطفل. وقد أتاح هذا البرنامج ولادة أكثر من 2.2 مليون طفل بدون فيروس نقص المناعة البشرية، ولا تزال الخطة تدعم أكثر من 6.4 مليون يتيم وطفل معرضين للخطر ومقدمي الرعاية لهم.

تلتزم هذه الإدارة بإنقاذ الأرواح في أفريقيا. في أيلول/سبتمبر الماضي، أعلنت عن استراتيجية بيبفار لتسريع مكافحة وباء فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز للفترة 2017 إلى 2020. تمثل الاستراتيجية خارطة طريق لتحقيق السيطرة على الوباء في أكثر من 50 بلداً في غضون ثلاث سنوات. وهي ترسم طريقاً لتسريع عملنا في 12 بلداً من البلدان الرازحة تحت عبء الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في أفريقيا، وهي مستعدة للسيطرة على الوباء بحلول العام 2020. ويمكننا الآن أن نرى مستقبلاً خالياً من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. إنه أمامنا مباشرة، وهو أمر حاسم لمستقبل أفريقيا.
يحتاج صمود الأمن والتجارة والاستثمار والتنمية الاقتصادية إلى مؤسسات حكومية فعالة وخاضعة للمساءلة تكسب ثقة مواطنيها ودعمهم. لا يمكن تحقيق السلم والازدهار إلا في مجتمع ديمقراطي. تعزز حرية الإعلام والاتصالات المفتوحة والحرية الدينية والمجتمع المدني النابض بالحياة الإبداع والأفكار والطاقة البشرية لتحقيق النمو الاقتصادي. واليوم، تتمتع أفريقيا بالكثير من المكاسب من خلال إنشاء مؤسسات أقوى وأكثر شفافية وديمقراطية تعكس أصوات مواطنيها، وترفض الفساد، وتحمي حقوق الإنسان وتعززها.

يقدّر الاتحاد الأفريقي أنّ أفريقيا قد فقدت مئات المليارات من الدولارات بسبب الفساد، وهي مئات المليارات التي لم تستثمر في التعليم أو البنية التحتية أو الأمن. تبقي الرشاوى والفساد الناس في الفقر وتشجع عدم المساواة وتقضي على ثقة المواطنين في حكومتهم. يبقى الاستثمار الشرعي بعيداً ويتنامى انعدام الأمن وانعدام الاستقرار، مما ينشئ ظروفاً ملائمة للإرهاب والصراعات. نحن ندعم بشدة قمة الاتحاد الأفريقي التي تسلط الضوء على جهود “الفوز بالمعركة ضد الفساد” وتشجعها. ونأمل أن يكون موضوع هذا العام بداية تركيز أكثر استدامة وطويل الأمد على مكافحة الفساد.

ودعماً لهذا الموضوع، ستواصل الولايات المتحدة عملها مع البلدان الأفريقية لتعزيز مؤسساتها الديمقراطية. وفي الشهر الماضي، طلبت وزارة الخارجية الأمريكية مبلغ 137 مليون دولار من الكونغرس لدعم برامج الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكومة لإنشاء مؤسسات أكثر شفافية وأقل فساداً تثمّن بناء توافق الآراء أكثر من الصراعات.

تتطلب الديمقراطية انتقال السلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة. كما أنها تحتاج إلى مجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام مستقلة للمساعدة في إعلام المواطنين والحفاظ على ارتباطهم بحكومتهم. وفي العام الماضي، ساعدت الولايات المتحدة على إجراء انتخابات حرة وسلمية في ليبيريا، هذا البلد الذي لم يشهد انتقالاً سلميا للسلطة منذ عقود. وشمل ذلك برامج للتثقيف المدني وتثقيف الناخبين مع التركيز على الشباب والنساء وغيرهم من الناخبين لأول مرة الذين يصعب الوصول إليهم، وكذلك العمل مع وسائل الإعلام لتعزيز الإبلاغ المسؤول.

ويساعد صندوق مبادرة الشفافية المالية الحكومات على وضع ميزانيات أكثر شفافية ومتاحة للجمهور، ويعدّ المجتمع المدني لدعم مجالات التحسين. وتعمل الولايات المتحدة حالياً على 31 مشروعاً – وهي على وشك ترسية تسعة مشاريع أخرى – في مختلف أنحاء أفريقيا. سبق أن ساعد صندوق مبادرة الشفافية المالية كينيا وتشاد وملاوي على وضع تدابير لمكافحة الرشوة وتقديم خدمة أفضل لشعوبها.

نأخذ أيضاً بعين الاعتبار مبادرات الحوكمة الرشيدة عندما يتعلق الأمر بالتنمية. وبصفتي وزيراً للخارجية، أشغل منصب رئيس مؤسسة تحدي الألفية. ومن خلال هذه الوكالة التي تهدف إلى الحد من الفقر، تستطيع الولايات المتحدة تحفيز الحكم الرشيد – بما في ذلك زيادة الشفافية – عن طريق ربطه بالمساعدة الإنمائية. ويذهب حوالى 60% من التمويل الذي توفره مؤسسة تحدي الألفية إلى أفريقيا. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وقعنا اتفاقاً مع ساحل العاج بقيمة 524 مليون دولار لتحسين قطاعي التعليم والنقل. ولم يكن ذلك ممكناً إلا بعد أن نفذت البلاد سياسات لتعزيز الحرية الاقتصادية والمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد. ويمثل إنعاش الإصلاحات قبل إنفاق أي دولار من أموال دافعي الضرائب نموذج عمل مؤسسة تحدي الألفية.
هذا نموذج أمريكي للتنمية أثبت نجاحه في العمل.

تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق نمو مستدام يعزز المؤسسات وسيادة القانون ويبني قدرة البلدان الأفريقية على الوقوف على قدميها. نحن شركاء مع البلدان الأفريقية من خلال تحفيز الحكم الرشيد لتحقيق أهداف الأمن والتنمية على المدى الطويل.
ويتناقض ذلك بشكل صارخ مع نهج الصين الذي يشجع على التبعية باستخدام عقود مبهمة وممارسات القروض المفترسة والصفقات الفاسدة التي تغرق الأمم في الديون وتقوض سيادتها وتحرمها من النمو طويل الأجل والمستدام ذاتياً. تتمتع الاستثمارات الصينية بقدرة معالجة الفجوة في البنية التحتية في أفريقيا، ولكن أدى نهجها إلى تزايد الديون وقلة الوظائف، إن لم يكن غيابها التام، في معظم البلدان. وعندما يقترن ذلك بالضغط السياسي والضريبي، نجده يعرض للخطر الموارد الطبيعية لأفريقيا واستقرارها السياسي الاقتصادي على المدى الطويل.

نحن نرحب بمشاركة البلدان الأخرى في تنمية أفريقيا. يمثل ذلك في الواقع حاجة. هذه ماهية السوق الحرة، أي المنافسة التي تؤدي إلى المزيد من الفرص. ولكننا نريد أن نشهد تنمية مسؤولة وممارسات سوق حرة شفافة تعزز المزيد من الاستقرار السياسي في القارة. ونأمل أن تنضم الصين إلينا في هذا الجهد.

تتوقع الولايات المتحدة مستقبلاً مشرقاً في أفريقيا. ولدينا فرصة أن نكون جزءاً من رحلة أفريقيا نحو مستقبل مستقر ومزدهر لشعبها. ولكل من هذه الأولويات – التجارة والاستثمار والحكومات الجيدة والحوكمة واحترام حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وعدم الاستقرار – مبدأ واحد هادف، ألا وهو مساعدة البلدان الأفريقية على بناء قدرتها على رعاية شعبها.

لا حلول سريعة لهذه التحديات، ولكنّ الولايات المتحدة ملتزمة بالتغلب عليها ضمن شراكة مع دول أفريقيا حتى تصبح القارة على نحو متزايد مكاناً للازدهار والحرية في القرن الحادي والعشرين. شكراً لكم على انتباهكم المذهل.

السيد كابريرا: شكراً جزيلاً لك. شكراً جزيلاً. لقد جمعنا بعض الأسئلة من الجمهور وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، لذلك سأتابع قليلاً…

الوزير تيلرسون: اطرح الأسئلة الصعبة التي وجهها الطلاب.

السيد كابريرا: بما أنك مصر، إليك هذا السؤال. إذن السؤال الأول ذو طابع شخصي ربما وهو عن ماهية الأسباب التي دفعتك إلى قبول هذا المنصب. كما ذكرت سابقاً، كنت على رأس واحدة من… فعلاً أكبر الشركات التي شهدها العالم على الإطلاق، كنت رئيسها التنفيذي. لم يكن لديك مسؤول أعلى منك رتبة. أعني، كان لديك مجلس إدارة، ولكن لم يكن لديك مسؤول أعلى منك رتبة، وفجأة! لماذا قد تقوم بذلك؟

الوزير تيلرسون: حسناً، كنت على بعد ثلاثة أشهر من التقاعد الإلزامي.

السيد كابريرا: يساعد ذلك في اتخاذ القرار.

الوزير تيلرسون: ولكن لم تكن هذه خطتي عند التقاعد. كنت أنوي الذهاب إلى المزرعة لقضاء المزيد من الوقت وأقود الحياة التي أحبها مع أحفادي. ولكن طلب مني الرئيس المنتخب تولي هذا المنصب، وفيما فكرت في ذلك. أخبرت هذه القصة لعدد من الجماهير الأخرى وكيف توصلت إلى القرار. عندما كان عمري 18 عاماً، كان لدينا بعد مشروع الخدمة العسكرية الإلزامية. كانت حرب فيتنام دائرة. تسجلت وكان لديهم نظام القرعة لاختيار الأشخاص. حصلت على رقم وتم سحب الأرقام إلى حين تم ملء الأماكن المطلوبة. سحبوا رقماً يبعد عن رقمي ثلاثة أرقام عندما كنت طالباً في أول سنة في الكلية. وانتهى العام، وكان رقمي 89 ووصلوا إلى رقم 86. وهكذا بقيت في الكلية، وتلقيت تعليماً عظيماً، وحصلت على عقد مع شركة كبيرة، وأمضيت معها 41 سنة ونصف رائعة، في مهنة حلم ما كان يمكن أن أتمنى يوماً أفضل منها. والدي محارب سابق في الحرب العالمية الثانية، قاتل في الحرب في المحيط الهادئ. عمي ملازم متقاعد في الجيش وقام بثلاث فترات خدمة في فيتنام. وكلما فكرت في الأمور في تلك المرحلة، قلت إنني لم أفعل أي شيء بعد. حان الوقت لأقوم بالخدمة، ولهذا أقوم بما أقوم به.

السيد كابريرا: شكراً لك على هذه الإجابة. إذن انتقلت إلى تكساس وانضممت إلى إكسون، وربما توقعت وربما لم تتوقع إلى أي حد ستكون مسيرتك المهنية عالمية بشكل لا يصدق في نهاية المطاف. أظن أنك لو كنت تعرف ما سيحصل وكيف ستكون حياتك، ربما كنت ستحضر نفسك بشكل أفضل. ما زال لبعض الحضور فرصة اتخاذ خيارات حول ما يقومون به في خلال سنواتهم في الكلية، وهذه خدمة أطلبها منك. أدفع طلابنا إلى السفر، وما زال بعضهم لا يثق بضرورة القيام بذلك. لذا ساعدني… ما أفضل ما يمكن أن تقوله لتشجيع الطلاب على السفر؟ ثم سؤال المتابعة هو أنهم عندما يسافرون، يقررون الذهاب لأسباب لا تزال تفاجئني إلى المملكة المتحدة أو إيطاليا… حسناً، ليست زيارة إسبانيا بمفاجأة فهي مكان رائع لزيارتها. إذن لماذا ينبغي أن يسافروا إلى أفريقيا على سبيل المثال؟ إذن…

الوزير تيلرسون: حسناً، أعتقد… كنت في رحلتي الأولى إلى الخارج طالباً في السنة الأولى في الكلية، وأتيحت لي فرصة السفر إلى بيرو. وقع زلزال فظيع هناك وكارثة إنسانية كبيرة، ودفنت مدينتان حرفياً تحت 30 متراً من جبل قد انهار. وأدى ذلك إلى تدفق كبير من الناس من الجبال إلى أطراف ليما وتم إنشاء مخيم هائل للاجئين. إذن سافرت إلى بيرو في مهمة استغرقت خمسة أيام في خلال عطلة عيد الميلاد لزيادة الوعي بهذه الحالة، وكانت هذه أول فرصة لي. كان لذلك تأثير هائل علي لأنني لم أكن… في الواقع، كانت تلك المرة الثانية التي أستقل فيها طائرة. كانت تلك المرة الأولى التي أستصدر فيها جواز سفر. كانت المرة الأولى التي أقوم فيها بالاتصال بالعالم الخارجي وأدرك مدى الترابط بيننا وأننا جميعاً بشر يحاولون البقاء على قيد الحياة، بغض النظر عن مكان تواجدنا.
أعتقد أنّ السفر بات اليوم أكثر إلحاحاً مما كان عليه في ذلك الوقت من حياتي، إذ تعلمون جميعاً أنّ العالم قد تغير بشكل هائل. تغيرت اقتصاداتنا بشكل هائل. تغير أمننا بشكل هائل. وبات كل شيء مترابط اليوم، ولا يمكن التفكير في القضايا الاقتصادية والقضايا الأمنية بدون التفكير فيها في سياق عالمي. لذا سواء كنتم تواصلون مسيرتكم وتعليمكم لتوسيع فهمكم بشأن ضرورة تمضية الوقت بين الكتب والأوراق كل ليلة، ستغيرون تماماً وجهة نظركم وإدراككم بالسفر إلى الخارج وقضاء بعض الوقت في بلد شخص آخر كشخص ليس مواطناً ورؤية الحياة من وجهة نظرهم وأيضاً سماع وجهة نظرهم وكيف ينظرون إلينا. قد يكون هذا العنصر الأكثر قيمة في تعليمكم.
وأكثر من ذلك، سيستمر هذا الترابط في العالم. العالم في الحقيقة… مع أنه فعلياً بالحجم الذي كان فيه يوم خلقه الله، بات بالنسبة إلينا ومن يعيشون على هذا الكوكب أصغر وأصغر، ويصبح أصغر بشكل متزايد. سيضطر جيلكم إلى التعامل مع ذلك، مع بعد جديد كامل من التحديات لا يرى جيلي سوى جزء صغير منه. ومن المهم… كلما أسرعتم في فهم ذلك وكيفية التفاعل معه، أصبحتم أفضل استعداداً له في المستقبل. وبالإضافة إلى كل ذلك، أعدكم بأنّ الأمور ستكون مثيرة. اذهبوا إلى الأماكن الصعبة. لا تذهبوا إلى أماكن سهلة. كما قلت، لقد ذهبت إلى ليما في بيرو. خرجت إلى الجبال والغابات. كانت رؤية طريقة عيش الناس في مختلف أنحاء العالم تجربة مذهلة. اذهبوا إلى الأماكن الصعبة. سيغيركم ذلك.

السيد كابريرا: شكراً لك بالمناسبة. أقدر ذلك. سنأخذ هذا الكلام ونستخدمه. في خضم التحضير لهذه الرحلة إلى أفريقيا، اخترت خمسة بلدان. إلى أي حد يمثل ذلك خيارك الخاص ويبني على تجربتك الخاصة في تلك البلدان؟ إلى أي حد يمثل ذلك قراراً تقنياً من فريقك؟ ولماذا هذه البلدان؟ لماذا اخترت هذه البلدان الخمسة من بين الخيارات العديدة؟

الوزير تيلرسون: حسناً، لا شك في أنني أتمنى لو كنت أستطيع أن أطيل الزيارة لأسبوعين أو ثلاثة، إذ ثمة دول أفريقية عدة تهمنا وستكون زيارتها مفيدة للعلاقة بيننا برأيي. ولكننا اخترنا هذه الدول الخمس. سنزور إثيوبيا. إثيوبيا موطن الاتحاد الأفريقي إذ يقع مقره الرئيسي فيها. وإثيوبيا شريك هام جداً منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة وتمتد علاقتنا مع إثيوبيا منذ أكثر من قرن.
ثم سنتوقف في جيبوتي في القرن الأفريقي. جيبوتي هي تلك الدولة عند المضائق الضيقة بين اليمن وتوصل إلى البحر الأحمر حتى قناة السويس، وهذا طريق تجاري مهم جداً للاقتصاد العالمي وجيبوتي شريك حاسم في تأمين هذا الطريق التجاري.
ثم نتوجه إلى كينيا وهو بلد كبير ومزدهر. هناك حققت خطة بيبفار بالفعل أكبر نجاح لها، وكانت كينيا أيضاً حاضنة لكيفية توسيع الخطة على مر السنين. لدينا شراكة طويلة الأمد مع كينيا.
ثم نذهب إلى تشاد، إلى نجامينا في تشاد لأنّ تشاد تساهم بأكبر قوة قتالية في منطقة مجموعة دول الساحل الخمس وكانت حاسمة في كفاحنا ضد الإرهاب في منطقة الساحل ونجاح ما يقومون به.
ثم نتوجه أخيراً إلى نيجيريا، وهو البلد الأكثر اكتظاظاً بالسكان في القارة الأفريقية. تتمتع الدولة بموارد طبيعية هائلة وقدرات هائلة للنجاح كدولة. لا تزال تسير نحو النجاح، وستكون حاسمة، ليس للعلاقة بين الولايات المتحدة مع أفريقيا فحسب، ولكن أيضاً لكيفية نجاح أفريقيا كقارة. لقد تحدثت عن الحاجة إلى إدماج الاقتصادات الأفريقية أكثر والقيام بالتجارة أكثر مع الجيران. أعتقد في كثير من الأحيان أنّ الولايات المتحدة في نهجها… كان كل شيء يتم للقيام بالتجارة عبر ممر عبر الأطلسي. نحن حقاً بحاجة إلى تعزيز التجارة ضمن القارة الأفريقية. يهدف ذلك في الواقع إلى خلق المزيد من فرص الاستثمار الأمريكي والمشاركة الأمريكية. إذن نيجيريا بلد كبير ومهم جداً لمستقبل القارة.
أود زيارة بلدان أخرى. لقد سافرت إلى شمال أفريقيا كما تعلمون طبعاً، ولكن ثمة الكثير من البلدان الهامة في شرق أفريقيا وجنوب أفريقيا طبعاً، ولا شك في أنّ هذه لن تكون رحلتي الأخيرة إلى القارة. سأضطر إلى العودة إليها.

السيد كابريرا: عندما كنت الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، حققت المشاركة طبعاً، ولقد شهدت على البعض من ذلك. كنت شريكاً في السابق في بعض الأعمال بشأن كيف يمكن للشركات الخاصة أن تلعب دوراً هاماً في تنمية الاقتصادات التي تقوم فيها بأعمال تجارية. عندما أنظر إلى الميزانية المقترحة للعام 2019، أجد أنّ وزارة الخارجية تتلقى تخفيضاً كبيراً جداً، يصل ربما إلى 25%، وأتصور أنها ستضطر… ستضطر إلى الاعتماد أكثر بكثير على القطاع الخاص لتحقيق الأهداف الدبلوماسية الخاصة بكم. ما رأيك… هل سنشهد دوراً أكبر للقطاع الخاص؟ وكيف يمكنك ضمه؟

الوزير تيلرسون: حسناً، أولاً، في ما يتعلق بالميزانية نفسها وهذا التخفيض يتعلق بميزانية العام 2017 لأننا ما زلنا ننتظر ميزانية نهائية للعام 2018 ولكن هذا يشكل أيضاً عودة إلى مستويات سابقة لوزارة الخارجية قبل الارتفاع الضخم إثر الحرب ضد داعش.
ولكن نعم، ما سنقوم به… لقد أشرت إلى ذلك، تطرقت إلى ذلك في ملاحظاتي. نريد تسهيل المزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص. لدينا آليات للقيام بذلك ولدينا إجراءات ونحن ننفذ بعض الأفكار التمويلية الجديدة لمساعدة البلدان في الحصول على التمويل حتى تتمكن من المشاركة في استثمارات القطاع الخاص أيضاً.
وأعتقد أنّ هذا يعني… يتمثل دورنا الفعلي ودور حكومة الولايات المتحدة برأيي بالأمور التي شددت عليها: أولاً، المساعدة في الاستقرار والأمن لأنه في ظل غياب الاستقرار والأمن، يصعب جذب الاستثمارات ويصعب تثقيف الناس وإطعامهم وتوفير المساعدة التي تسد الحاجة في مجال الأمن الغذائي والمجالات الصحية، فالمستقبل هو الشباب كما ذكرت. سنحصل على شباب متعلمين وبصحة جيدة. ثم المساعدة في النظم القائمة على القواعد، لذلك العمل مع الحكومات لوضع قوانين أفضل، وتعزيز المحاكم الجيدة ونظم العدالة، وهذا ما سيؤدي إلى القضاء على الفساد الذي استنزف القارة التي كانت يوماً ذات قدرة كبيرة.
أعتقد أنّ هذا هو دورنا. الاستثمارات المباشرة، نحن متواجدون هناك للتسهيل ومساعدة الشركات على فهم الفرص المتاحة. إذا كانت بحاجة إلى مساعدتنا لفهم القواعد المحلية وما شابه، سنكون حاضرين للمساعدة في توجيههم. ولكن من المهم حقاً إنشاء ظروف في هذه البلدان تمكّن الشركات الأمريكية وغيرها… الشركات الأوروبية والصينية وغيرها للمشاركة بموجب نظام قائم على القواعد. يجذبون لأنهم يرون أنّ الظروف متاحة للنجاح أو على الأقل التمتع بفرصة النجاح. ما من ضمانات في الحياة، ولقد تعلمت ذلك في القطاع الخاص. كل ما أردته هو فهم القواعد، وفهم أنّ القواعد لن تتغير، وحصلت على فرصة للنجاح. سنقبل إذا فشلنا في ذلك.

السيد كابريرا: سؤال واحد أخير. أقرأ بعض الرسائل غير اللفظية من فريقك. في ما يتعلق بدور المرأة في مستقبل أفريقيا وآمل أن تنقل رسالة قوية جداً وأنا أعلم أنّ هذا ليس بجديد عليك. أنا على دراية بالاستثمارات التي قامت بها إكسون موبيل في مجال تنظيم المشاريع النسائية. نعرف تأثير بقاء الفتيات في المدرسة بدلاً من تسليمهن للزواج. ونعرف تأثير المرأة لتحسين صحة المجتمعات المحلية ونوعية الحياة فيها. ساعدنا لنفهم ما ستكون رسالتنا في هذا الصدد.

الوزير تيلرسون: حسناً، لقد اكتسبت تقديراً لهذا الموضوع منذ أكثر من 20 عاماً في القطاع الخاص، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الاستثمارات والأنشطة التجارية التي كنا نقوم بها في أفريقيا في مسيرتي المهنية السابقة، وأيضاً في الاقتصادات الناشئة والنظم الحكومية الناشئة، بما في ذلك روسيا و… قضيت الكثير من الوقت هناك أيضاً. وتعلمت من خلال الدراسات الأكاديمية وتجربتي الخاصة أنه من المهم خلق هذه الظروف التي تحدثت عنها وخلق الظروف ليتمكن الناس من الازدهار والتمتع بالحياة مثلنا. كنت أتحدث منذ قليل مع رئيس الهيئة الطلابية هنا حول كسر الروتين وأظن أننا على بعد جيل من كسر ذلك الروتين في أفريقيا، ولكن علينا أن نعمل على ذلك.
يبدأ عنصر هام من ذلك مع النساء لأنه يبدأ مع الأمهات، وتعلمنا من خلال دراستنا أنّ الأمهات… هذا صحيح على الأرجح، حتى هنا في هذا البلد، الأمهات أكبر مؤثر على طريقة نمو الأطفال والقيم التي يتحلون بها وتصرفاتهم وطموحاتهم. لذلك من المهم أن نقوم أولاً بدعم صحة المرأة وقدرتها على المشاركة في الرفاه الاقتصادي للبلاد فكثيراً ما نرى نساء يقمن بتربية الأسر بدون مساعدة كبيرة من الوالد. لذا ينبغي أن نبدأ بمنحهن القدرة لأنها سوف تربي أسر أفضل.
ولكن ينبغي بعد ذلك وضع المرأة في الحكم، وليس ضمن القوى العاملة فحسب. تأتي المرأة بمنظور مختلف جداً. شهدت على ذلك في مسيرتي في القطاع الخاص وأشهد ذلك في القطاع الحكومي أيضاً. تأتي النساء بمنظور مختلف عنا. لا أعني أننا سيئون، ولكن لدينا ثغرات ولدينا مجالات لا نراها وتملأ النساء هذه الفسح الشاغرة لنا. هكذا نتمكن من كسر روتين الأجيال عن طريق تمكين المرأة فعلاً من المشاركة الكاملة في مختلف جوانب حياتنا الإنسانية كأمهات وكمشاركات في الاقتصاد وكرائدات أعمال وكمشاركات في الحكومة. هذا ما سيغير في نهاية المطاف الجيل القادم من القادة. سيغير ذلك الرجل والمرأة وهذا هام بصفة خاصة في أفريقيا. ويعود جزء من السبب إلى تاريخ أفريقيا وثقافتها. ولكننا نعلم أنّ الأمور ستنجح لأننا شهدنا على نجاحها. شهدنا على نجاحها في مناطق متميزة جداً. يكتفي أن نطورها الآن.
إذن من المهم لنجاح أفريقيا أن ننشئ نوعية من الحياة نريدها للجميع في القارة الأفريقية. نريد لهم أن يتمتعوا بنوعية الحياة التي لدينا وهذا عنصر مهم في كيفية تحقيق ذلك.

السيد كابريرا: معالي الوزير، نشكرك مرة أخرى على حضورك لمشاركتنا هذه الرسالة والأهم من ذلك لإدراكك الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها القارة الأفريقية بالنسبة إلينا جميعاً، ولحمل رسالة التنمية الاقتصادية والفرص هذه، ولجعل أفريقيا أولوية. نتمنى لك رحلة مثمرة وآمنة إلى أفريقيا. شكراً جزيلاً.

الوزير تيلرسون: شكراً لك، وكل التوفيق لجامعة جورج ماسون.