بسبب السلام: مقال بقلم: توماس جولدبرجر

 بدأ السجل الرئاسي اليومي للرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في مثل هذا اليوم منذ أربعين عاماً، أي في 26 مارس 1979، كيوم عادي يتضمن أنشطة متوقعة. ففي الساعة الخامسة من صباح ذلك اليوم الموافق يوم الإثنين، استيقظ كارتر على مكالمة إيقاظ من مكتب الإتصالات بالبيت الأبيض. ويتضمن السجل الرئاسي بعد ذلك سرداً تفصيلياً لعدد من الاجتماعات مع بعض الوزراء وغيرهم طوال الفترة الصباحية.

عندما ننظر ورائنا إلى لحظات رائعة في التاريخ، فإننا غالباً ما ننسى أن هذه الأحداث الجوهرية التي أدت لتحولات مهمه هي نتاج سنوات من اللقاءات والمفاوضات والتنازلات التي تتجه نحو أهداف تبدو بعيدة المنال. ومع ذلك، تحقق ذلك الهدف في الساعة 2:02 بعد ظهر ذلك اليوم، وفقًا لليوميات الرئاسية. كانت التدوينة الوارده في تلك اليوميات بسيطة، لكنها ذات مغزى كبير. وجاءت كما يلي” “شارك الرئيس في حفل توقيع معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل”. فقد اختار اثنان من القادة الشجعان لدولتين فخورين السلام ، بوساطة من الولايات المتحدة.

هذه التدوينه المتواضعه في سجل اليوميات الرئاسية لا يمكنها أن تعبّر عن شهور وسنوات من العمل الذي التي أدى للوصول إلى تلك اللحظة. ولا يمكن أن يعكس هذه التدوينه في اليوميات ما يمكن الآن تحقيقه للبلدين لأن هذين الزعيمين اختاروا السلام.

بصفتي القائم بالأعمال الأمريكي في مصر، فإني أرى كل يوم النتائج الإيجابية لهذا الاختيار الشجاع الذي قام به الرئيس السادات قبل أربعين عامًا. أرى ذلك في التنمية الاقتصادية لمصر، ودورها في المنطقة، وعلاقتها بالولايات المتحدة. نحن نعتقد اعتقادا راسخا أنه بسبب السلام، أصبحت مصر أكثر استقرارا وأكثر أمنا وأكثر ازدهارا، بما يضمن دورها في قيادة المنطقة.

أتاحت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، والتي أعقبت اتفاقات كامب ديفيد، المجال لبدء فصل جديد في العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر. فتحت المجال للمساعدة العسكرية الأمريكية لمصر. وقد بلغ إجمالي تلك المساعدات المستمرة أكثر من 40 مليار دولار منذ عام 1979، بما يساعد مصر على تأمين حدودها وتدريب قواتها والتأثير بنحو إيجابي في المنطقة. بسبب السلام، أصبحت مصر والمنطقة أكثر استقرارًا وأمانًا. بسبب السلام، أظهرت مصر أن القوة الحقيقية تكمن في حل النزاع من خلال الحوار السلمي. بسبب السلام، أظهرت مصر أنها كانت ولاتزال وستظل دولة رائدة في المنطقة.

فتح توقيع المعاهدة أيضًا المجال لأنواع أخرى من المساعدات الأمريكية لمصر. منذ عام 1979، استثمر الشعب الأمريكي 30 مليار دولار في مصر من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). بسبب السلام، استفاد عشرات الآلاف من الشباب المصري من برامج التدريب على العمل وجهود إصلاح التعليم والتوجيه المهني. بسبب السلام، يحصل ملايين المصريين على المياه النظيفة ورعاية صحية أفضل. بسبب السلام، يواصل ملايين السياح القدوم إلى مصر للاستمتاع بمشاهدة الآثار التاريخية التي ساعدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الحفاظ عليها.

من وجهة نظري فإني لا أرى فوائد السلام الكبرى لمصر في شكل حزم المساعدات العسكرية والاقتصادية التي نقدمها فقط، ولكن أراها أيضاً عن كثب في حياة المصريين العاديين كل يوم. بسبب السلام، يشارك الشباب المصري في برامج التبادل المهني والثقافي التي نقدمها، ويزوروا المركز الأمريكي في السفارة كل يوم ليتعلموا اللغة الإنجليزية من خلال البرامج التي تمولها الولايات المتحدة.

رؤية مصر للسلام قبل أربعين عامًا لم تؤد فقط إلى علاقة أقوى مع الولايات المتحدة. فبسبب السلام، ينظر العالم لمصر كدولة رائدة في المنطقة. بسبب السلام، تعد مصر مقصداً ممتازًا للاستثمار الأجنبي المباشر، ليس فقط من جانب الشركات الأمريكية ، ولكن من جميع أنحاء العالم أيضًا. بسبب السلام مع جارتها، ستواصل مصر الاستفادة من إمكانات مواردها الطبيعية، كما نرى الآن في شرق البحر المتوسط.

لقد تولت الولايات المتحدة دورها كوسيط للسلام بين مصر وإسرائيل قبل 40 عامًا لأننا اعتقدنا أنه سيجعل كلا البلدين أقوى وأكثر استقرارًا وأكثر أمانًا وأكثر ازدهارًا، وما زال لدينا هذا الاعتقاد حتى اليوم. بسبب اختيار مصر للسلام مع إسرائيل، فهي أقوى وأكثر ثراءً وتعليماً وصحة وأفضل تكاملاً مع جيرانها وأكثر استقرارًا وأكثر تواصلاً مع الولايات المتحدة.

تتضمن اليوميات الرئاسية في 26 مارس 1979 يومًا طويلًا بدأ بشكل روتيني وانتهى بعشاء رسمي استمر حتى منتصف الليل. كان العشاء تجمّعًا رائعًا للاحتفال بطريق جديد للمضي قدماً بين دولتين ليصبح، على مر السنين، محوراً أساسيًا للأمن في الشرق الأوسط.

بسبب السلام، وسعياً لتحقيق سلام دائم، يجب أن نواصل العمل الذي بدأ منذ أربعين عامًا. لذا أدعوكم لتتابعونا في الأسابيع المقبلة على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي في السفارة (@UEEmbassyCairo) وعلى هاشتاج #BecauseOfPeace ، حيث سنشارككم المزيد من الرسائل حول المردود الثري لاختيار الرئيس السادات الشجاع منذ أربعين عامًا.

###