شكرا لكم، سيدي الرئيس. إن الشعب اليهودي شعب صبور. وظلت القدس وطنهم الروحي على مدى ثلاثة آلاف سنة من الحضارة والغزو الأجنبي وكذلك النفي والعودة. وأصبحت مدينة القدس عاصمة لدولة إسرائيل على مدى ما يقرب من 70 عاما، على الرغم من المحاولات العديدة التي بذلها آخرون لإنكار هذا الواقع.
وإن الشعب الأمريكي أقل صبرا. حيث كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بدولة إسرائيل المستقلة في عام 1948. وأعلن الكونغرس الأمريكي في عام 1995 بأن القدس يجب أن تكون عاصمة لإسرائيل وأن السفارة الأمريكية يجب أن تكون موجودة في القدس.
وكان كل من كلينتون وبوش وأوباما متفقين على هذا الموقف، لكنهم لم يتصرفوا. وقد تأخروا، على أمل أن تسفر عملية السلام عن نتائج – بيد أن النتائج لم تتحقق أبدا.
كما أيد الشعب الأمريكي هذا الموقف بأغلبية ساحقة على مدى 22 عاما، وانتظروا انتظارا طويلا. وإن الرئيس ترامب اتخذ القرار في هذا الأسبوع أخيرا، بعدم إنكار إرادة الشعب الأمريكي.
فمن المهم أن نكون واضحين حول ما يفعله قرار الرئيس بالضبط. حيث أعلن الرئيس أن الولايات المتحدة تعترف بجلاء أن القدس هي عاصمة إسرائيل. كما أصدر تعليماته لوزارة الخارجية ببدء عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وهذا ما فعله الرئيس.
وإليكم ما لم يفعله: لم تتخذ الولايات المتحدة موقفا حول الحدود أو المحددات. وإن الأبعاد المحددة للسيادة على القدس لا تزال موضوعا يتعين على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يقرره في المفاوضات. ولم تدعو الولايات المتحدة إلى تغيير أي من الترتيبات في جبل الهيكل / الحرم الشريف. كما دعا الرئيس تحديدا إلى الإبقاء على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة.
ومن المهم أخيرا التوضيح بأن الولايات المتحدة لا تحدد مسبقا قضايا الوضع النهائي. وما زلنا ملتزمين بتحقيق اتفاق سلام دائم. كما نؤيد حل الدولتين إذا وافق عليه الطرفان.
تلك هي الحقائق التي قيلت وتم تفعيلها في هذا الأسبوع. وهناك عدد قليل من النقاط التي تعتبر أساسية في مناقشة هذه المسألة الآن.
وإن إسرائيل، شأنها شأن جميع الأمم، لها الحق في تحديد عاصمتها. كما إن القدس هي مقر البرلمان الإسرائيلي والرئيس ورئيس الوزراء وكذلك المحكمة العليا والعديد من وزاراتها.
ومن المنطقي أن تقع السفارات الأجنبية هناك. حيث تقع سفارات الولايات المتحدة في كل بلد من بلدان العالم تقريبا في عاصمة البلد المضيف. ولا ينبغي أن تكون إسرائيل مختلفة.
واتخذت الولايات المتحدة هذه الخطوة على علم تام بأنها ستثير القلق والتساؤلات. وإن أعمالنا تهدف إلى المساعدة على النهوض بقضية السلام. وعلينا أن نقر بأن السلام قد أحرز تقدما، وليس انتكاسة، عندما تكون جميع الأطراف صادقة فيما بينها. وقد انعكست أعمالنا تقييما صادقا للواقع.
وإنني أتفهم ما أعرب عنه الأعضاء من قلق في الدعوة إلى هذه الجلسة. فالتغيير صعب. ولكن يجب ألا نشك أبدا في حقيقة ما يمكن أن تفعله الحقيقة. ولا ينبغي لنا أبدا أن نشك في أننا عندما نواجه الحقيقة ونؤمن بالروح الإنسانية ونشجع بعضنا البعض على أن السلام يمكن أن يحدث.
ولأولئك الذين لديهم مخاوف تتعلق بالنوايا الحسنة بشأن مستقبل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، اسمحوا لي أن أؤكد لكم مرة أخرى أن الرئيس وهذه الإدارة لا تزالان ملتزمتين بعملية السلام.
ولأولئك الذين لا يتصرفون بحسن نية — ولأي شخص أو زعيم أو بلد أو جماعة إرهابية تستخدم قرار هذا الأسبوع كذريعة للعنف – فأنتم تظهرون أنكم شركاء غير صالحين للسلام.
ولن أدع هذه اللحظة الختام تمر دون تعليق عن الأمم المتحدة نفسها. لقد ظلت الأمم المتحدة على مدى سنوات عديدة واحدة من أكبر المراكز في العالم التي تناصب العداء لإسرائيل.
لقد أَضررت الأمم المتحدة بآفاق السلام في الشرق الأوسط أكثر مما نفعت. ولن نكون طرفا في ذلك. فالولايات المتحدة لم تقف موقف المتفرج بعد الآن عندما تتعرض إسرائيل لهجوم غير عادل في الأمم المتحدة. ولن تستمع للمحاضرات من قبل الدول التي تفتقر إلى أي مصداقية عندما يتعلق الأمر بمعاملة الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
وليس من قبيل المصادفة أن اتفاقات السلام التاريخية بين مصر وإسرائيل، وبين الأردن وإسرائيل، قد وقعت على حديقة البيت الأبيض. وإن كان هناك اتفاق سلام تاريخي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فمن المحتمل أن يتم التوقيع عليه أيضا في حديقة البيت الأبيض.
ولم هذا؟ ذلك لأن الولايات المتحدة تتمتع بمصداقية مع كلا الجانبين. وإسرائيل لن ولا ينبغي أبداً أن تجبر على الدخول في في اتفاق من قبل الأمم المتحدة أو من قبل أي مجموعة من البلدان التي أثبتت عدم مبالاتها بأمن إسرائيل.
ولأخوتي وأخواتي الفلسطينيين، أستطيع أن أقول لكم بكل ثقة أن الولايات المتحدة ملتزمة التزاما عميقا بتحقيق اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقد أثبتنا هذا الالتزام على مدى سنوات عديدة وباستثمار قدرا كبيرا من الموارد المالية والجهود الدبلوماسية.
وأن السلام بين الجانبين لم يتحقق للأسف، ولكننا لن نتخلى عن ذلك ويدنا ممدودة لكم. ونحن أكثر التزاما بقضية السلام الإسرائيلي – الفلسطيني اليوم مما كنا عليه من قبل. ونحن نعتقد أننا قد نكون أقرب إلى هذا الهدف من أي وقت مضى.
كما للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء قصص حقيقية مؤلمة من التحديات وعدم الثقة والدمار. ولكن هذا الصراع لا يجب أن يتعلق فقط بالماضي وبهذه القصص المؤلمة. وإنما يجب أن يتعلق أيضا بالأجيال القادمة. فالأطفال الفلسطينيون والإسرائيليون يستحقون مستقبل سلام على نفس القدر من المساواة.
وعندما يكبر هؤلاء الأطفال، يجب أن يستذكروا الزمن التي تفاوضت فيه الأطراف بصدق من أجلهم، وهم يستحقون الأمل في مستقبل أكثر إشراقا وسلاما.
أن أمنياتنا وصلواتنا هي أن يكون هذا الوقت هو الوقت الذي يتوقف فيه الجانبان من التفكير باحتياجاتهم الآنية ويشرعوا في التفكير بالأجيال القادمة. وأن أحث جميع البلدان في مجلس الأمن وفي الشرق الأوسط في أن يخففوا من حدة تصريحاتهم وأفعالهم في الأيام المقبلة.
لا يزال السلام قابلا للتحقيق، وعلينا جميعا أن نقوم بأدوارنا لتحقيقه.
وشكرا.